🇦🇪
🇦🇪

2020.11.27

عن الـ (الآواسيه) وما ينتج عنها من سحر نتحدث

الآواسيه هي قيام عدد من مؤدي الكوسبلاي الذي يشتركون (※)بصفات او اهتمامات معينة بأداء الكوسبلاي سوياً.

 

هذا هو التعريف المختصر الذي سأقدمه لك لو طلبت مني أن أقوم بتعريف الآواسيه في عشر ثوان. لكن الواقع هو أن هذا التعريف رغم دقته لا يفي مفهوم الآواسيه حقه على الإطلاق.

 

ما الذي يدفع عدداً كبيراً من مؤدي الكوسبلاي لأن يبذلوا جهداً في التخطيط وإعداد الأزياء ومالاً في سبيل استئجار مكان لكي يقوموا بأداء الكوسبلاي معاً؟ من وجهة نظر كاتب هذه السطور فالسبب الأكبر الذي يبرر كل هذا التعب هو أنه هناك جو ساحر مشرق لا يمكن رؤيته في أي ظروف أخرى ما عدا الآواسيه.

لكن المتعة والإثارة التي هي جوهر الآواسيه تكاد تكون شيئاً يعجز الكلام عن وصفه.

 

إلا أنني في مقال اليوم اريد أن انتهز الفرصة لكي اشارككم ببعض التجارب الثمينة التي تختزنها ذاكرتي. فقد قمت بخوض تجربة الآواسيه لأكثر من 100 مرة حتى الآن، لكن أرجوك عزيزي القارئ ألّا تنسى وأنت تقرأ كلامي أن هذا الكلام هو في النهاية انطباعات وآراء شخصية من كوسبلاير.

 

الأشياء المشتركة بين مؤدي الكوسبلاي قد تكون اهتمامهم بشخصيات من نفس السلسلة أو العمل، أو قد تكون اهتمامهم وتركيزهم على مفهوم أو ستايل معين للكوسبلاي الذي يرتدونه.

 

 

لحظة فريدة من عمل الدوجين نصنعها سوياً

أنا شخصياً لا أجيد فن الرسم ولا أستطيع أن ارسم مانغا، ولا أملك الموهبة الكافية لكتابة نص يمكنك أن تسميه (حكاية). لذلك فالكوسبلاي بالنسبة لي هو طريقة ممتازة للانخراط في عالم الأعمال التي أحبها والتعبير عن هذا الحب بطريقتي الخاصة. وما تقدمه الآواسيه في هذا السياق هو الفرصة للعمل معاً أنا وأصدقائي لنخلق عالماً مصغراً سوياً، لذلك فهي مقاربة مختلفة تماماً نحو أعمال الدوجين عن الدوجينشي التي يمكنك كتابتها – أو رسمها – بجهدك الشخصي.

 

فعندما يجتمع اثنان أو أكثر من مؤدي الكوسبلاي متنكرين في أزياء شخصيات تنتمي إلى نفس العمل، سيكون عليهما أن ينسقا معاً ويقررا أشياء مثل أي التعبيرات والوضعيات ستكون مناسبة ووفية لهذه الشخصيات كما تظهر في العمل الأصلي، واي خلفية في الستوديو ستكون مناسبة أكثر لتصوير تلك الشخصيات سوياً، باختصار عليهما القيام بتحليل عميق للعلاقات التي تربط هذه الشخصيات وكيفية تفاعلها سوياً، وينتج عن هذا التحليل قصة جديدة ما كانت لتكون ممكنة لولا اجتماع أكثر من شخص لإنتاجها. النتيجة النهائية لهذا التفاعل قد تكون لحظة واحدة تقتنصها عدسة الكاميرا لتخزنها على ذاكرة هاتف محمول أو حتى صورة مادية ينتجها مصور متمرس. لكن حتى لو يكن هناك أي ناتج مادي يمكن مشاهدته فيما بعد فإن التأثير الذي تتركه لحظة مثل هذه في ذاكرة من يخوضها أو يشاهدها يبقى شديد العمق تماماً كما لو أن شركاء الآواسيه قد قاموا بكتابة دوجينشي يمكن تصفحه فيما بعد.

 

 

بين التأثر بعمل مطبوع (جماد) والتأثر بمؤدي كوسبلاي (شخص)

لا يتشابه مؤدي كوسبلاي وآخر عندما يتعلق الأمر بذوقهم تجاه أزياء الكوسبلاي، أو طريقة قص الشعر المستعار أو صناعة الاكسسوارات. لذلك وعلى الرغم من الأعداد الكبيرة من الكوسبلاي التي صادفتها حتى الآن، لم أزل أتأثر بكل كوسبلاي جديد أراه كأنها المرة الأولى. يمكنك دائماً رؤية انتباه فناني الكوسبلاي الذي يصل إلى أدق تفاصيل الزي الذي يرتدونه، وعندما أكون في آواسيه مع البعض منهم فإنني أكاد لا أستطيع التوقف عن تأمل أزيائهم وكأنني في معرض مخصص للاحتفال بحبنا للشخصيات التي نعجب بها.

 

 

وكذلك فإن المشاركة في الآواسيه تعطيك نظرة عميقة إلى شخصيات شركائك ومشاعرهم تجاه الأعمال التي يحبونها وكيف يعبرون عن هذه المشاعر. لذلك دائماً ما أجد نفسي مستغرقاً في تأمل مؤدي الكوسبلاي الآخرين. وعندما نقوم بمناقشة تفاعل شخصيات الآواسيه التي نؤديها أحصل كذلك من كلامهم عن تلك الشخصيات على لمحة من فهمهم الشخصي للتركيب النفسي لها وكيف يرونها، وبالتالي كيف يعبرون عن هذا الفهم في الكوسبلاي الذي يؤدونه. أن تكون موجوداً في قلب الحدث لحضور كيف يضيف فنان الكوسبلاي لمساته الخاصة الفريدة على الشخصية التي يقوم بتأديتها هو تجربة نادرة ومؤثرة ولا يمكن للاكتفاء برؤية صور الآواسيه النهائية على تويتر أو غيره أن تضاهيها بأي شكل. وبالنسبة لي فهي دائماً ما تثير فيّ المزيد من الحماس والحب تجاه الكوسبلاي وتشعل في الرغبة بإتقانه أكثر.

 

 

الآواسيه تجلب معها لقاءات جديدة

 

عندما تمارس هواية الكوسبلاي لفترة من الزمن فإنك غالباً ما ستعتاد على الحديث مع الغرباء بدون خجل. وفي ذهني فإن القيام بالآواسيه مع مؤدي كوسبلاي آخرين يرتبط ارتباطاً وثيقاً بلقاء رفاق جدد. وأذكر مرة في كوميكت عندما دخلت بالصدفة بين مجموعة من مؤدي الكوسبلاي الذين كانوا يقوموا بآواسيه لعمل معين وأفسدت تناغمهم قليلاً. لكن في النهاية المهم حقاً هو الجو العام لمناسبات كهذه حيث العديد من الناس من داخل اليابان وخارجها يجتمعون سوياً بلا معرفة مسبقة ليتحدثوا ويتصوروا سوياً ويتبادلون المتابعة على تويتر وما إلى ذلك. طمأنينة أن تعرف على سبيل اليقين أن لك رفاقاً يشاركونك حب الأشياء ذاتها ومستعدون للتعبير عن هذا الحب بكل كيانهم، والحماسة والترقب الذين يعتريانك وأنت تفكر في كل الاحتمالات والسيناريوهات العظيمة التي تجلبها لقاءات الصدفة التي يوفرها الكوسبلاي. هذه مشاعر ثمينة لا يمكنك تجربتها في ظروف أخرى.

 

بالإضافة إلى كل هذا فمن المهم أن نتوقف عند حقيقة أن الكوسبلاي يوفر لك الفرصة للقاء طيف متنوع من الأصدقاء من كل الأعمار والأهواء، على عكس اللقاءات التي تحصل خلال حياتك اليومية سواء في عملك أو دراستك حيث لا تلتقي عادة إلا بنوع واحد من الناس. وفي رأيي أن هذا التفاعل مع الكثير من الناس المختلفين هو بدوره فرصة عظيمة للتعرف على آراء وطرق تفكير جديدة.

 

 

عندما أعيد قراءة ما كتبته حتى الآن في هذا المقال أحس بأن الكثير من كلامي قد يبدو مبالغاً فيه أكثر من اللازم بالنسبة للقارئ العادي. لذلك اريد أن اشدد أنه بالنسبة للكثير من مؤدي الكوسبلاي قد تكون الأسباب التي تدفعهم لتجربة الآواسيه ابسط من هذا بكثير، مثلاً قد يكون هدفهم هو فقط الاستمتاع بالتنكر وتبادل الحديث مع اصدقائهم، وقد يكون ببساطة الخجل الذي يمنعهم عن ممارسة الكوسبلاي وحدهم، هناك الكثير من الأسباب المختلفة التي قد تدفع أحدهم لتجربة الآواسيه.

 

أعلم بأن الكثيرين ينظرون إلى الكوسبلاي على أنه مجرد تسلية طفولية يقوم بها بالغون لا يجدون شيئاً أفضل يفعلونه. لكن بالنسبة لي فإن الكوسبلاي هو هواية رائعة توفر لي فرصاً كبيرة للمرح مع أصدقاء يشاركونني اهتماماتي، بالتالي لا أرى غضاضة في أن اكرس وقتي وجهدي ومالي لهوايتي هذه.

 

في ظروف التباعد الاجتماعي التي نعيشها هذه الأيام أصبحت الآواسيه شيئاً صعب التحقيق، لكنني أنتظر بكل شوق أياماً أفضل أستطيع فيها لقاء أصدقائي والاستمتاع بالسحر الذي تجلبه الآواسيه.

 

 




Writer

KAMOMI

Related Posts