2021.01.15
حكاية كوسبلاير مبتدئة، المشاركة في فعالية كوسبلاي للمرة الأولى (الجزء الثاني)
لقراءة الجزء الأول الاللبلبلبلبأول
…. وأخيراً بعد الكثير من الترقب خضت غمار تجربتي الأولى مع فعالية كوسبلاي، لكن في البداية كان علينا أنا وصديقتي التي شاركت في هذا الحدث كثيراً من قبل أن نخطط لما نريد فعله.
يتميز هذا الحدث بأن المبنى كان يحتوي على قاعة داخلية واسعة وكذلك على ساحة خارجية مخصصة للتصوير، بالإضافة إلى ذلك فإن التصوير في الشوارع المحيطة بالمبنى كان مسموحاً، والأروع أنه كان هناك مركز ألعاب وعدد كبير من المطاعم والمقاهي في محيط المكان وكلها ترحب بدخول الناس في الكوسبلاي. كنت مصدومة وشاكرة بكل هذا الترحيب والتسامح مع الكوسبلاير! وفي النهاية استقررنا أنا وصديقتي على أن نبدأ بالتمشي قليلاً في القاعة حتى يحين موعد الغداء ثم ننتقل إلى خارج المبنى.
وهكذا بدأت جولتنا في القاعة حيث كان هناك شيء مثير للاهتمام أينما نظرت، ففي أحد الزوايا رأيت الساحرة من الانيمي الذي كنت احبه في طفولتي وهي منغمسة في الحديث مع شخصية من انيمي جديد انتشر مؤخراً، وهناك مجموعة بين ال 20 و30 شخصية من لعبة موبايل شهيرة يصخبون معاً مرحين، باختصار كان مخي عاجزاً عن تحليل كل المشاهد الرائعة التي كانت تراها عيناي، فقد كانت هذه المرة الأولى التي أرى فيها على ارض الواقع أي كوسبلاي غير الكوسبلاي الذي ارتديه أنا نفسي. وربما بدا ارتباكي جليّاً لصديقتي التي شعرت بالقلق عليّ وبدأت تسحبني من يدي نحو طرف القاعة، وفي تلك اللحظة اقترب منا شخص….
“عفواً… هل تسمحن لي بالتقاط صورة؟” قالها شاب بصوت مرتبك قليلاً وهم يحتضن كاميرا ذات عدسة أحادية. بالنسبة لشخص مثلي يعاني من الخجل ولا يستطيع التواصل مع الغرباء أبداً كان هذا الموقف رغم بساطته تحدياً لم أعرف كيف استجيب له، فبدل أن أرد على ذلك الشاب لم أستطع إلا أن انظر لصديقتي متسائلة عمّا يجب عليّ قوله. عندما وافقت على المشاركة في هذا الاحتفال لم يخطر ببالي أبداً أن شخص سيطلب التقاط صوري… لكن كلما مررت أمام أحد الألواح الموضوعة في القاعة لاستخدامها كخلفيات للصور كان شخص ما يطلب التقاط صورة…
في البداية ظننت أنه عندما تتوجه نحوي عدسات هذه الكاميرات الاحترافية فإن توتري وخوفي سيتسببان بأن أظهر متخشبة في كل الصور، ولكن… لحسن الحظ اتضح أن قلقي كان بلا أي داع! فمع صوت غالق الكاميرا وأضواء الفلاش كانت تأتي أصوات التشجيع من المصورين: “تبدين رائعة!”، “هذا الكوسبلاي يناسبك للغاية!!”، وكلما نظرت بجانبي رأيت وجه صديقتي المبتسم وهي تتخذ وضعيات التصوير، وفي تلك اللحظات أحسست بالمعنى الحقيقي لفكرة “تقمص شخصية الكوسبلاي” وأخذتني إثارة اللحظة جارفة معها أي توتر أو خوف كنت أحمله لينبض قلبي بالحماسة. ففي هذه اللحظة لم أعد أنا نفسي بل تحولت إلى شخصية الآيدول المحبوبة التي كنت ارتدي زيها. وكان ذلك الشعور بأنني أصبحت جزءاً من العمل الذي احبه مضاعفاً عمّا كنت احسه وأنا التقط السيلفي في المنزل وحيدة ولم أستطع أن اتمالك نفسي عن الابتسام كل الوقت! يا لمتعة الكوسبلاي!
وأخيراً تركنا المصورين وقررنا أن نستكشف الساحة الخارجية. وتصادف أن طقس ذلك اليوم كان معتدلاً وجميلاً، لذلك كانت الساحة الخارجية مزدحمة بالناس بشكل ذكرني بتقاطع سكرامبل الشهير في حي شيبويا. كان هناك العديد من الكوسبلاير المصطفين في انتظار التقاط صور. وآخرون يحملون أسلحة مزيفة تفوقهم طولاً.. بشكل عام كان هناك جو من الحرية يخيّم على المكان برمته.
وعندما بدأ كل هذا الازدحام يصيبني بالتوتر تسلل إلى اذني الصوت المميز لرسالة تويتر آتياً من حقيبتي. وعندما نظرت إلى الرسالة وجدتها رسالة من أحد معارفي من الكوسبلاير تخبرني أنها في المكان ذاته وتسأل إن كانت تستطيع لقائي. وعلى الرغم من أنها كانت في الساحة ذاتها التي كنا فيها، لكن المكان كان شديد الازدحام، ومما زاد الطين بلة أنه كان هناك العديد من الكوسبلاير يرتدون نفس الكوسبلاي الذي كانت ترتديه! ما العمل؟ بدأ الأمر يتحول إلى أحد تلك الألعاب التي يجب عليك فيها أن تجد شخصية في رسم يحتوي على المئات من الشخصيات، ولكن بدل أن يكون على صفحة جريدة فالأمر هنا يحصل على أرض الواقع! أليس هذا مستحيلاً!! وبدأت أفقد عزيمتي وأميل إلى الاستسلام لكنني تمالكت نفسي، فهذه فرصة ثمينة لمقابلة صديقة لم أعرفها إلا عبر شاشة الهاتف من قبل! لذلك نظرت إلى صور صديقتي وجو الزي الذي ترتديه وتفاصيل صغيرة كحقيبتها وحزامها وبدأنا أنا وصديقتي التي أتيت معها نتجول باحثين، ولفرحتي الغامرة بعد برهة قصيرة وجدت صديقتي!!
عندما التقيت صديقتي الجديدة لأول مرة على أرض بادرتني بالتحية بلطفها المعهود تماماً كما كنا نتحدث على تويتر، وأحسست بتحفظي وخجلي يذوبان، فأينما نظرت حولي كان هناك العديد من الكوسبلاير في ظروف مشابهة، يتبادلون الحديث ضاحكين ويلتقطون الصور سوياً قائلين عبارات مثل: “كم أنا سعيد بلقائك على أرض الواقع أخيراً” و”كم كنت أتوق إلى لقاءك!” وكان يخيم على المكان كله شعور بالسعادة والتناغم ليشبه جو المكان جو عائلة سعيدة التم شمل أفرادها ببعضهم أخيراً بعد غياب طويل! وهكذا تدريجياً تخليت عن خجلي واستسلمت لهذا التيار الجارف من السعادة ليحملني معه.
وبعد هذا اللقاء الجميل صحبتني صديقتي التي جئت معها لنقوم ببعض الأنشطة الأخرى. فذهبنا إلى محل يبيع التاياكي (التاياكي نوع من الحلويات اليابانية) ثم مررنا على المركز الترفيهي لنتسلى بالعديد من الألعاب مثل البوريكورا (كابينات التصوير التي تسمح بإجراء تعديلات على الصور) وUFO Catcher، وكذلك دخلنا إلى محل مخصص لبيع الانيمي اعتدت أن اتردد عليه كثيراً في السابق، لكن تجربة دخوله وأنا ارتدي الكوسبلاي كانت مختلفة تماماً.
وهكذا مرّ الوقت علينا ونحن في غاية السعادة حتى حان موعد المساء بدون أن أشعر، وبينما نحن في طريقنا عائدتين إلى غرفة تغيير الثياب ونحن نشرب شاي التابيوكا اللذيذ، تناهى إلى مسامعنا صوت مليء بالحبور:” ماما! انظري إنهما (…) و(…)!!” فالتفنا إلى مصدر الصوت لنرى فتاة صغيرة تنظر لنا بعينين لامعتين من الفرح والإثارة. كانت الأزياء التي كنا نرتديها أزياء تنتمي إلى انيمي من الشوجي انيمي (الانيمي الموجه للبنات) لذلك لم يكن من الغريب أنها لاحظتنا، لكن حقيقة أنها نادتنا بأسماء الشخصيات التي نتنكر في زيها جعلني أحس بالمفاجأة وبعض الخجل… لكنه لم يكن شعوراً سيئاً على الإطلاق… وعندما سألتنا والدتها أن نلتقط معها صورة للذكرى كنا سعيدتين بالانصياع لطلبها وأخذ صورة مع الفتاة الصغيرة بيننا. فكرة أن تكون رؤية زيك وحدها كفيلة بإشعار شخص ما بكل هذا الكم من السعادة شيء مثير، ذكرتني مرة أخرى بروعة الكوسبلاي.
وأخيراً عدنا بسلام إلى غرفة تغيير الملابس. وفي اللحظة التي خلعت فيها شعري المستعار أحسست بتعب الساعات الماضية يتدفق في جسدي المكدود. فعلقت قائلة لصديقتي: “لم أدرك من قبل أن ممارسة الكوسبلاي في الخارج أمر مرهق إلى هذا الحد!” لتنفجر ضاحكة بينما هي تزيل بقايا الصمغ السائل عن وجهها. واتجهنا بعدها معاً إلى أحد المطاعم لتناول العشاء ونحنا ما نزال سعيدتين بالوقت الرائع الذي قضيناه سويا.
حتى بعد أن خلعت تنكري وعدت إلى زيي المعتاد، بقيت إثارة تلك التجربة الرائعة في قلبي لوقت طويل. فبعد هذه التجربة أدركت أن جوهر فعاليات الكوسبلاي هو منح الكوسبلاير القدرة على أن يعبر عن الأشياء التي يحبها باستخدام جسده كله. ويستمتع بقضاء الوقت مع أشخاص يشاركونه شغفه. وبالنسبة لي ككوسبلاير مبتدئة كان هذا يوماً مليئاً بالسعادة والرضا
Follow @doujinworld
Writer
KAMOMI